السلام عليكم ورحمة الله
___________
الإمام المهدي (ع) والعمر الطويل علمياً و عملياً
اللهم صل على محمد وآل محمد
هل يمكن لإنسان أن يعيش قروناً كثيرة حيث يتجاوز عمره عمر الإنسان العادي أضعاف الأضعاف ؟
أن المؤمن إذا أتينا له بدليل قرآني أو روائي فانه يسلّم بذلك ، و لكن بعض من –في قلوبهم مرض و بعض من لم يؤمن بالكتاب و السنة – يحتاج إلى دليل من نوع آخر و هو ما يطلقون عليه اسم الدليل العلمي ، و نرى لزوماً علينا من باب إكمال الحجة و البرهان أن نذكر بعض ما يطلبوه فنقول : لقد أثبت الأطباء إمكانية بقاء الإنسان حياً لفترة طويلة من الزمن و كمثال على ذلك فلقد أجريت بعض التجارب على بعض الحيوانات فامتد عمرها أكثر بأضعاف عن عمرها الطبيعي ، وإلى هذا أشار الأطباء أصحاب مجلة المقتطف قائلين : " . . . العلماء الموثوق بعلمهم يقولون : أن كل الأنسجة الرئيسية في جسم الحيوان يقبل البقاء إلى ما لا نهاية له ، و إنه بالإمكان أن يبقى الإنسان ألوفا من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته ، و قولهم هذا ليس مجرد ظن ، بل هو نتيجة علمية مؤيدة بالامتحان . .
و غاية ما ثبت الآن ( أي قبل 34 عاماً ) من التجارب المذكورة أن الإنسان لا يموت بسبب بلوغ عمره الثمانين أو مائة سنة بل لان العوارض – كالصدمات التي تحصل للإنسان بسبب فقد حبيب على نفسه من مال أو أخ أو زوج أو . . . – تنتاب بعض أعضائه فتتلفها ، و لارتباط أعضائه ، بعضها ببعض تموت كلها ، فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض ، أو يمنع فعلها لم يبق مانع من استمرار الحياة مئات السنين . . . " / مجلة المقتطف المصرية من المجلد 59 ص 239-240 طبع عام 1379 هـ .
و عليه فالإمكانية العلمية موجودة و مجربة و لا مانع منها سوى عدم استطاعة العلم لحد الآن إن يزيل تلك العوارض ، هذا من ناحية العلم .
و أما من ناحية الواقع العملي ، فإن العمر الطويل لم يكن مستهجناً في العصور السالفة بل كان أمرا عادياً طبيعياً ، و لهذا نرى الشيخ أبو عبدالله محمد بن يوسف الكنجي ( في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان ) يستدل على كون المهدي ابن الإمام الحسن العسكري و بالتالي فهو مولود و هو لا يزال حياً حيث يقول : " من الأدلة على كون المهدي حياً باقياً بعد غيبته و إلى الآن ، وإنه لا امتناع في بقائه : بقاء عيسى بن مريم ، و الخضر ، و إلياس من أولياء الله تعالى ، و بقاء الأعور الدجال و إبليس اللعين ، من أعداء الله تعالى ، و هؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب و السنة .
أما عيسى : فالدليل على بقاءه قوله تعالى : " و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته" / سورة النساء آية 159 . و لم يؤمن به مذ نزول هذه الآية إلى يومنا هذا أحد ، فلا بد أن يكون في آخر الزمان . . .
و أما الخضر و إلياس (ع) ، فقال ابن جرير الطبري : الخضر و إلياس باقيان يسيران في الأرض . . .
و أما الدجال : فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري حديثاً طويلاً عن الدجال فكان فيما حدّثنا أنه قال : " يأتي ( الدجال ) و هو مُحرمٌ عليه أن يدخل عتبات المدينة ، فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه رجل هو خير الناس . . . فيقول الدجال : إن قتلتُ هذا و أحييته أتشكو في الأمر ، فيقولون لا ، فيقتله ثم يحيه ، فيقول ( المقتول) حين يحييه : و الله ما كنت فيك قط اشد بصيرةً مني الآن ، فيريد الدجال أن يقتله ، فلن يسلط عليه ، قال إبراهيم ابن سعيد : يقال إن هذا الرجل هو الخضر . . .
و أما الدليل على بقاء اللعين إبليس ، فالكتاب و هو قوله : " انك من المنظرين " .
و أما بقاء المهدي ، فقد جاء في تفسير الكتاب عن سعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى : "لُيظهره على الدين كله و لو كره المشركون " . سورة الصف ، آية 9 .
قال هو المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها ، و أما من قال انه عيسى ، فلا منافات بين القولين ، إذ هو مساعد المهدي ، و قد قال مقاتل بن سليمان و من تابعه من المفسرين في تفسير قوله تعالى : " و إنه لعلمٌ للساعة " ./ سورة الزخرف ، آية 61 .
هو المهدي يكون في آخر الزمان ، و بعد خروجه تكون إمارات الساعة و قيامها . / نور الأبصار للسيد مؤمن بن حسن بن مؤمن الشبلنجي ".
و كمثال آخر ما ذهب إليه العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال : " و في التوراة : ان ذا القرنين عاش ثلاثة آلاف سنة و ستمائة سنة ، ولد في حجر آدم و عناق أمه ، و قتله موسى بن عمران ، و أبوه سيحان ، و عاش الضحاك وهو ( بيورسب ) ألف سنة ، و كذلك ( طهمورث ) و أما من الأنبياء فخلق كثير بلغوا الألف ، و زادوا عليها ، كآدم ، و نوح ، و شيت ، و نحوهم . . . " . / تذكرة الخواص ص 364 طبع النجف 1964 م .
و بقي أن نذكر بعض الآيات القرآنية الحاكية عن نوح عليه السلام و عن يونس عليه السلام : يقول الله تعالى : " و لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فأخذهم الطوفان و هم ظالمون " . /سورة العنكبوت ، آية 14 .
فهذه الآية تشير إن دعوة نوح لقومه كانت (950 ) عام ، فكم كان عمره قبل البعثة ؟ و كم عاش بعد الطوفان ؟ فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) بسند صحيح انه قال : " إن نوحاً عاش ألفي و ثلاثمائة سنة ، منها ثمنامائة و خمسون قبل البعثة ، و ألف إلا خمسين مع قومه يدعوهم ، و خمسمائة بعد نزوله من السفينة " .
و يقول الله تعالى حكاية عن وضع يونس (ع) : " و لولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون " . / سورة الصافات ، آية 143 .
فيونس عليه السلام لو لم يكن من المسبحين لله تعالى و هو في جوف ذلك الحوت لبقي حياً كما قال تعالى إلى يوم البعث و هو يوم القيامة .
و عليه فان كان هذا العمر الطويل طبيعياً فلماذا نستغربه في المهدي المخلٍّص .
و فوق كل ما تقدم من دليل نقول : إن العظمة الإلهية ، و القدرة التي لا يردها شيء ، الذي يقول للشيء كن فيكون ، و الذي قال للنار كوني برداً و سلاماً فكانت كذلك لإبراهيم (ع) و الذي نصر دينه مع قلة الناصر و كثرة العدو . . أليس بقادر أن يمد في عمر المهدي ؟ بلى ، انه لقادر على كل شيء
المصدر: المهدي المنتظر (عج) في حديث السنة المعتبرد
تحياتي لكم ونسالكم الدعاء