(الفصل الأول)
في ذكر اسمه ، وكنيته ، ولقبه عليه السلام
وهو المسمىّ باسم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، المكنى بكنيته . وقد جاء في الأخبار : أنه لا يحل لأحد أن يسميه باسمه ، ولا أن يكنيه بكنيته إلى أن يزين الله تعالى الأرض (بظهوره وظهور)(1) دولته (2)
ويلقّب عليه السلام : بالحجة ، والقائم ، والمهدي ، والخلف الصالح ، وصاحب الزمان ، والصاحب .
وكانت الشيعة في غيبته الاًولى تعبر عنه وعن غيبته بالناحية المقدسة ، وكان ذلك رمزاً بين الشيعة يعرفونه به ، وكانوا يقولون أيضاً على سبيل الرمز والتقية : الغريم - يعنونه عليه السلام - وصاحب الأمر
(الفصل الثاني)
ذكر مولده عليه السلام واسم أمّه
ولد عليه السلام بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة ، روى ذلك محمد بن يعقوب الكليني ، عن علي بن محمد(1) .
وكان سنه عند وفاة أبيه عليه السلام خمس سنين ، آتاه الله سبحانه الحكم صبياً كما آتاه يحيى ، وجعله في حال الطفولية إماماً كما جعل عيسى عليه السلام نبياً في المهد صبتاً .
فمن الأخبار التي جاءت في ميلاده عليه السلام : ما رواه الشيخ أبو جعفربن بابويه ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن رزق الله ، عن موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي الرضا عليهما السلام قالت : بعث اليّ أبومحمد الحسن بن علي عليهما السلام فقال : « ياعمة ، إجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنها ليلة النصف من شعبان ، فإن الله تعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة وهوحجته في أرضه » .
قال : فقلت له : ومن أُمّه ؟
قال : « نرجس » .
قلت له : جعلني الله فداك ، ما بها أثر!
فقال : « هو ما أقول لك » .
قالت : فجئت فلمّا سلَمت وجلست جاءت تنزع خفي وقالت لي : يا سيّدتي كيف أمسيت ؟
فقلت : بل أنت سيدتي وسيّدة أهلي .
قالت : فانكرت قولي ، وقالت : ما هذا ؟!
فقلت لها : يا بنيّة ، إنّ الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاماً سيّداً في الدنيا والأخرة .
قالت : فخجلتْ واستحيتْ ، فلما أن فرغتُ من صلاة العشاء الأخرة أفطرتُ وأخذت مضجعي ، فرقدت ، فلما أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثم جلستُ معقبة ، ثم اضطجعتُ ، ثم انتبهتُ فزعة وهي راقدة ، ثمّ قامت فصلّت ونامت .
قالت حكيمة : وخرجتُ أتفقد الفجر ، فاذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان وهي نائمة ، قالت حكيمة : فدخلتني الشكوك فصاح بي أبومحمد من المجلس فقال : « لا تعجلي يا عمّة ، فهاك الأمرقد قرب » .
قالت : فجلست فقرأتُ « الم السجدة » و« يس » فبينما أنا كذلك إذ انتبهت فزعة فوثبتُ إليها فقلت : اسم الله عليك ، ثمّ قلت لها : هل تحسّين شيئاً ؟ قالت :نعم .
فقلتُ لها : اجمعي نفسك ، واجمعي قلبك ، فهوما قلت لك .
قالت حكيمة : ثم أخذتني فترة وأخذتهاْ فترة ، فانتبهت بحس سيّدي ، فكشفتُ الثوب عنه فإذا به عليه السلام ساجداً يتلقى الأرض بمساجده ، فضممته إلي فاذا أنا به نظيف منظّف ، فصاح بي أبو محمد عليه السلام :
--------------------------------------------------------------------------------
( 216 )
« هلمّي إلف ابني يا عمّة » .
فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت إليتيه وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، وأمره يده على عينيه وسمعه ومفاصله ثم قال : « تكلّم يا بنيّ » .
فقال : « أشهد أن لا إله إلآ الله ، وأشهد أنّ محمداً رسول الله » ثمّ صلى على أميرالمؤمنين وعلى الأئمة عليهم السلام الى أن وقف على أبيه ثمَ أحجم .
ثم قال أبومحمد عليه السلام : « يا عمّة اذهبي به إلى أُمّه ليسلم عليها ، وائتني به » فذهبت به فسلّم ورددته ووضعته في المجلس ، ثم قال عليه السلام : « يا عمة إذا كان يوم السابع فائتينا » .
قالت حكيمة : فلما أصبحت جئت لأسلم على أبي محمد عليه السلام وكشفت الستر لأتفقد سيّدي فلم أره ، فقلت له : جعلت فداك ما فعل سيّدي ؟
قال : « يا عمة استودعناه الذي استودعت أم موسى موسى » .
قالت حكيمة : فلمّا كان يوم السابع جئت وسلمت وجلست فقال : « هلمّي إليّ ابني » فجئت بسيدي عليه السلام وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الاًولى ، ثمّ أدلى لسانه في فيه كانما يغذّيه لبناً أو عسلاً ثم قال : « تكلم يا بني » .
فقال عليه السلام : « أشهد أن لا إله إلاّ الله » وثنى بالصلاة على محمد وعلى أميرالمؤمنين عليهما السلام وعلى الأئمة حتى وقف على أبيه عليهم السلام ، ثم تلا هذه الآية ( وَنُريدُ أَن نَّمُنَ عَلَى الّذينَ استُضعِفُوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أئِمَّةً وَنَجعَلَهُئم الؤارِثينَ * وَنُمَكِّنَ لَهم فِي الأرضِ وَنرِيَ فِرعَونَ
وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يَحذرون) (1) .
قال موسى : فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال : صدقت حكيمة(2) .
وروى الشيخ أبوجعفرمحمد بن الحسن الطوسي (ره) قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان القمي قال : حدثني أبو عبدالله الحسن بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن يحيى العطار قال : حدّثنا الحسين بن عليّ النيسابوريّ . قال : حدّثني ابراهيم بن محمد بن عبداللهّ بن موسى بن جعفر [عن السياري ](3) قال : حدثني نسيم خادم الحسن بن علي ومارية قالا : لما سقط صاحب الزمان عليه السلام من بطن أُمّه سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبابتيه الى السماء ، ثمّ عطس فقال : « الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله ، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة ، ولوأذن لنا في الكلام لزال الشك »(4) .
قال ابراهيم بن محمد : وحدّثني نسيم الخادم قال : قال لي صاحب الزمان - وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست - فقال : « يرحمك الله » ، قال نسيم : ففرحت بذلك .
فقال : « ألا أُبشّرك بالعطاس ؟ » فقلت : بلى .
فقال : « هو أمان من الموت ثلاثة أيام »(5) .