الأردن: حظر أكل المنسف باليد والغاء نقوط العرسان ومنع تبادل القبل على المقابر أثناء الدفن
مرة أخرى يقود المنسف وبعض العادات والتقاليد الإجتماعية لجهد شعبي هذه المرة، حيث اصدرت نخبة من أبناء مدينة السلط الاردنية (غربي العاصمة عمان) وثيقة جديدة طالبت اهالي المدينة بالإنقلاب علي الكثير من العادات والتقاليد غير المبررة، او التي يمكن الإستغناء عنها، تفاعلا فيما يبدو مع التحديات الإقتصادية التي فرضتها موجات إرتفاع الأسعار العامة.
وإشتهرت مدينة السلط عمليا بمبادرة أبنائها ونظرة عشائرها العصرية، حيث سبق لنشطاء عشائر المدينة نفسها ان أصدروا قبل سنوات وثيقة شهيرة لمنع إطلاق النار خلال الأعراس والأفراح وأخري تحارب الفعاليات المبالغ فيها والمرهقة إقتصاديا خلال الخطبة والزواج.
ومالت الوثيقة الجديدة لنظرة تفصيلية تؤسس هذه المرة لإنقلاب فكري وعملي علي منظومة متكاملة من التقاليد السلبية التي ترهق المواطنين إقتصاديا ولا تنسجم مع روح العصر بهدف التطوير نحو رؤية جديدة لقيم الاخوة والرحمة والتضامن وتحريك الركود الاجتماعي والتحرر من قيود الاوضاع الخلافية، حسب رئيس مؤسسة اعمار السلط العين مروان الحمود الذي يقود هذا التحول المهم ويعتبر من اهم رموز المدينة والزعامات الوطنية.
وحسب بنود الوثيقة المثيرة للجدل والتي أعلنت عبر صحيفة مرايا الإلكترونية تقصد أبناء المدينة ونشطاؤها إحياء عادات سلطية ومراسم زواج تراثية مثل الصحجة والدبكة والزفة، والابقاء علي عادة حمام العريس وتحديد الحد الاعلي لعدد المناسف في المناسبات الي عشرة فقط. وتقديمه بالصحون بدل الايدي في محاولة واضحة وجريئة لتغيير عادة في اكل أشهر الأطباق الشعبية الأردنية عمرها يقترب من قرن تقريبا.
وحددت الوثيقة لبسة الذهب بألفي دينار للعروس واعتبارها الشبكة والمهر في آن معاً .. وجهازا شخصيا للعروس لا يزيد عن الف دينار .. وتحميل اهل العروس جزءا من مستلزمات بيت الزوجية.
كما طالبت الوثيقة بإلغاء عادات مكبرات الصوت نهائيا والغاء عادة زفة السيارات وعدم اطلاق اي زمامير او عيارات نارية ومفرقعات وتشجيع الزفاف الجماعي .. كما الغت الوثيقة عادة تقديم السجائر والتمر والتخفيف من اللجوء للفنادق لاقامة الافراح.
واكدت الوثيقة علي الغاء عادة النقوط (هدية نقدية للعرسان) وابقتها لمن يرغب بالسداد فقط .. وقالت الوثيقة ان ما ينطبق علي الزواج ينطبق علي ممارسات الطهور والعماد والتخرج بكل انواعه .. وابقت الوثيقة علي عادات اغاني الحج وتوديع الحاج في بيته فقط والغاء نقوطه والولائم بعد عودته من اداء الفريضة والهدايا. كما اكدت منع زيارة المرضي في المستشفيات والاكتفاء بالاتصال الهاتفي عبر ذوي المريض.
وفي حالات الوفاة قررت اختصار عدد المتلقين للعزاء علي المقبرة لاهل المتوفي فقط والغاء عادة التقبيل وان يكون العزاء في بيت المتوفي لثلاثة ايام تبدأ من يوم الدفن ولاهله الخيار ان يكون في المساء فقط .. بحيث يبدأ الثالثة ويغلق العاشرة مساءً .. والغت الاسبوعيات والسبتيات والاربعينيات، والتوقف عن قبول العزاء في اي عيد بعد الوفاة والغاء الحداد ووقف المبالغة في نشر التعازي في الصحف.
وقررت ان تكون الجيرة والعطوة في نطاق لا يتعدي الجد الاول للجاني نزولا الي كافة ابناء هذا الجد واحفاده بالنسبة للجاني ورفع سقف الجيرة من ثلاثة ايام الي اسبوع لتأمين وجه يلتزم بمهمة الجيرة .. والغاء الجلوة الغاءً تاما .. وعدم التنازل عن الدية او التعويض. وتوعية الابناء بعواقب جرائم هتك العرض وخطورة الزواج العرفي وعدم التهاون مع متسببي حوادث السير.
وإعتبر الحمود ان الافكار الايجابية في المراجعة الاولي لوثيقة السلط الشعبية التي قدمت للاردن قبل ربع قرن تهدف الي التغيير نحو الافضل والاستجابة لقيم الاخوة والرحمة والمحبة والتضامن الاجتماعي وتحريك الركود الاجتماعي اضافة الي التحرر من قيود الاوضاع الخلافية التي صاغتها السلوكيات البعيدة عن قيم الوسطية والاعتدال وعدم الاسراف.
وأكد عضو مجلس الأعيان وأحد رموز المدينة رجائي المعشر ان هذه الوثيقة ضرورة شعبية واجتماعية واخلاقية والالتزام بها واجب وطني.
وتكتسب هذه الوثيقة قيمتها الأدبية من عنصرين الأول الإشراف عليها من قبل العين الحمود الذي يعتبر من أكثر الرموز نفوذا وحضورا إجتماعيا في مدينة السلط، والثاني من موقعها الجغرافي حيث تعتبر السلط من معاقل مجموعة من العشائر المهمة إضافة إلي كونها حاضرة أصيلة في التاريخ الأردني الحديث.
ورغم حصول إعتراضات من قبل البعض علي الأفكار التي تبنتها الوثيقة إلا انها تؤسس لحالة جديدة تماما ويتوقع لها ان تنجح في المواقع وبين العشائر الأخري في سائر محافظات المملكة بسبب الضائقة الإقتصادية وتعاطي أفكار الوثيقة مع التحديات الإقتصادية في المجتمع حيث ترهق إحتفالات الأعراس ومواسم العزاء جيوب المواطنين عموما.
(منقول من المصدر دنيا الوطن)