بسم الله الرحمن الرحيم
.. حين يُذكر اسمه نشمخ ونخجل.. نسمع صوته نخشع ونخجل..
نقرأ حياته والشهادة بصمت، نسمو ونسمو ونسمو..
ونخجل
مارد جنوبي..
اهتزّت الأرض على وَقعِهِ وانفجر التراب ثورة عزّ وكبرياء..
زرع أنفاسه على امتداد الوطن أناشيد للحرية..
ودمه يشتعل في كل أرضٍ مواسم خصبٍ وعنفوان..
اليوم، الزمان يُهلّل.. وغداً التاريخ يسجل:
هذا دم لحسين.. فيءُ مُرسلٍ وظل معصوم..
عشيق للقائم المهدي.. مصطفىً من عند الله..
هذا قمر يقطر النصر من نار..
استشهاد فدائي ناريّ..
اسمه "علي أشمر" وسيفه "ذو الفقار"
نحن نصمت.. ودمه الذي يحكي ويكتب ليس بالحبر ولكن بالدم.
نحن لم نزل نبحث عن الطريق الذي سَلك..
وهو.. إلى الله.. إلى الأنبياء والمرسلين.. إلى جنان الخلد.. إلى الحسين وَصَل.
نشأة في ظل الله والمدرسة "الحسين"
قمر الاستشهاديين علي منيف أشمر من مواليد 1976، بلدته "العديسة" المحتلة، أبصر نور الحياة في الكويت، وسواء في الكويت أو في لبنان عندما جاء مع أهله، لم يلتمس سوى نور الإيمان والهداية.
كُلنا يتساءل.. في أي جو تربى علي أشمر.. وأي دروس تلقاها حتى وصل إلى هذا الارتقاء العظيم؟..
في الواقع، كربلاء وثورة الإمام الحسين (ع) هما المدرسة الأولى والغذاء الأسمى، إلى جانب توجيه وتربية الأهل في بيت له طابع التزامي حسيني، ونحن لسنا بحاجة لنسأل أين كان "علي أشمر" من المسائل الإيمانية والعبادية.. فما قام به إنما هو نتاج ارتقاء روحي بالدرجة الأولى..
مشاهد تنطق بذاتها، أهله يستذكرون تفرده لناحيتها..
المسجد أنيسه ولا تحلو له الصلاة إلا في رحابه.
هو والمقاومة
هو فارس في حزب الله منذ الصغر. البداية من كشاف الإمام المهدي(عج) فوج الإمام الرضا C، ثم علي في إطار الدارسة الحوزوية لفترة، وبعدها يعمل في صفوف التعبئة العامة لحزب الله، إلى أن اشتعلت في أعماقه هذه المناجاة التي كان يتوجه بها إلى الله عزّ وجلّ "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك".. ويمضي بالعقيدة والعشق للجهاد يشكل في طريق السالكين إلى الله، في طريق الثورة والفداء، حيث يتفرغ بشكل مطلق في المقاومة الإسلامية في العام 1995.
ولكن هناك سؤال يطرح نفسه:
كيف استطاع الشهيد "علي أشمر" أن يصل إلى هذا المستوى الجهادي الراقي وقد تفرّغ في العمل قبل عام واحد؟؟..
هنا، تأتي مشاركاته البطولية في مهمات تنوعت وتعدّدت.. لتحدّث عن كونه كان مؤهلاً روحياً قبل أي شيء لهذا العمل هو الذي سمى به ورقّاه.
وهنا مسألة جداً مهمة فيما يتعلق بالأمور الجهادية وهي ارتباطه بشكل فعلي وواقعي بالتوكل على الله عزّ وجلّ بمعونة صاحب العصر والزمان(عج) في كل مهمة بطولية كان يقوم بها، إذ كان على علاقة مميزة ومميزة جداً بصاحب الأمر الإمام المهدي(عج).
وهناك مزايا عدة يتصف بها الشهيد "علي أشمر" يشهد له بها كل إخوانه وهي قدراته البدنية القوية وكفاءته العسكرية العالية المستوى، يذكر إخوانه أنه كان في عمله الجهادي لا يكل ولا يمل ودائماً السباق إلى المهمات الجهادية.. ولا ينسون خصلة يعرف بها وهي الإيثار..
صمت تسكنه ثورة
المقاومة عشقه وحياته وطريقه لتحقيق مناه. هذا معروف لدى أهله، فهم فضلاً عن علمهم بتفرغه الكامل للعمل المقاوم يقرأون سعادته الكبرى أثر عمليات المجاهدين فيما لو لم يكن هناك بينهم، يتذكرونه كيف أنه يزف أخبار العمليات ببهجة كبرى، ومن جانب آخر يشعرون أن قلبه يحترق لأنه ليس بينهم على الرغم من أنه بروحه وكل وجدانه على الدوام معهم.
إذاً معروف أن المقاومة شغله الشاغل ولكن.. ما هو عمله في المقاومة؟ لا أحد يعلم.
يناجي ربّه بشهادة قلّ نظيرها، يروح ويجيء، يضم نفسه إلى لائحة الاستشهاديين، يعد ويستعد ويترقب اليوم الذي ينفذ فيه العملية الاستشهادية. يجيء وقتها.. ولا أحد يعلم، كل الشوق الذي في صدره، كل الثأر، كل المقاومة، كل الذي تفجر ناراً وعزاً وانتصاراً، كان صمتاً ولكن تسكنه ثورة.
انتظروا تفاصيل العملية الاستشهادية و وصيته